السبت، 23 أغسطس 2008

مقالة الإحساس والإدراك





الإحساس والإدراك
الأسئلة:
-
هل الإحساس الخالص وجود؟
-
هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟
-
هل الإدراك إدراك لنظام الأشياء أم ارتباط بالتجربة الحسية ؟
مقدمة:
يعيش الإنسان في بيئة مادية واجتماعية تحيط بها آثارها من كل جانب وفي كل الحالات هو مطالب بالتكيف معها ومن الناحية العلمية والفلسفية تتألف الذات الإنسانية من بعدين أساسيين, أحدهما يتعلق بالجانب الاجتماعي والآخر ذاتي يتعلق بطبيعة ونوعية الاستجابة, هذه الأخيرة منها ما هو إحساس ومنها ما هو تأويل وإدراك, فإذا علمنا أن الإنسان يعيش في بيئة حسية وأن الأشياء تظهر منظمة في الواقع فالمشكلة المطروحة:
-
هل الإدراك إدراك لنظام الأشياء أم ارتباط بالتجربة النفسية ؟
الرأي الأول(الأطروحة):
انطلق أنصار هذه الأطروحة من فكرة عامة أن الإدراك يرتبط بسلامة الأعضاء لأنه من طبيعة حسية ومعنى ذلك أنه إذا لم يوجد عضو لما وجد أصلا إدراك, ويتحدثون عن العوامل الموضوعية المتمثلة في الشيء المدرك {إن الإنسان لا يدرك بعض الأصوات إذا زادت عن حدّها أو ضعفت}, تعود هذه النظرية إلى "أرسطو" الذي قال {من فقد حاسة فقد معرفة} ومن حججهم الحجة التمثيلية إن التمثال بمقدار زيادة الحواس تزداد معارفه مثله مثل الإنسان, حتى قيل في الفلسفة الإنجليزية{العقل صفحة بيضاء والتجربة تخطّ عليها ما تشاء}وشعارهم {لا يوجد شيء في الأذهان ما لم يكن موجودا في الأعيان}, غير أن هذه النظرية لم تتضح معالمها إلا على يد "ريبو"الذي لاحظ أن النشاط العضلي يصحب دائما بإدراك, وان الإنسان يتعلم خصائص المكان(الطول, العرض, العمق) من التجربة الحسية, قال في كتابه [السيكولوجيا الألمانية]{إن حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعمق والعرض} والحقيقة أن هذه النظرية هاجمت التيار العقلي بل وأثبتت عجزه كما أكدت على دور وأهمية التجربة الحسية, قال "مولينو" {إذا علَّمنا الأكمة قليلا من الهندسة حتى صار يفرق بين الكرة والمكعب ثم عالجناه فسقي ثم وضعنا أمامه كرة ومكعب فهل يستطيع قبل التجربة الحسية أن يدررك كلا منهما على حدى وأن يفصله على الآخر}, ويرى "سبنسر" أن البصر هو أهم حاسة في إدراك موقع الأشياء وإذا افترضنا وجود سلسلة من الحروف (أ, ب,ج, د) فإن انتقال البصر من (أ)إلى(ب) ثم(ج ود) بسرعة بعد إحساس بالجملة كاملة لأن الأثر لا يزول إلا بعد مرور 1\5 من الثانية, وأكد على نفس الفكرة "باركلي" الذي تحدث عن الإحساس اللمسي البصري.
نقد:
ما يعاب على هذه النظرية هو المبالغة في التأكيد على دور الحواس وإهمال العقل ثم أن الحيوان يمتلك الحواس ومع ذلك لا يدرك.
الرأي الثاني(نقيض الأطروحة):
أسس أنصار هذه الأطروحة موقفهم من مشكلة الإدراك بقولهم أن نظام الأشياء هو العامل الأساسي, أي كلما كانت الأشياء منظمة يسهل إدراكها, ولهذا حاربت هذه النظرية الاعتماد على فكرة الجزء (التجزئة) ودافعت عن فكرة الكل, وتعود هذه النظرية إلى "وايتمر"و"كوفكا"و"كوملو" هؤلاء العلماء اعتمدوا على طريقة مخبرية من خلال إجراء التجارب, وكانت أكثر تجاربهم أهمية تلك التي قام بها "وايتمر" حول الرؤية الحركية وكل ذلك تم في جامعة فرانكفورت عام 1942, هذه النظرية جاءت ضد العضوية التي اعتمدت على منهجية التحليل والتفكيك فكانت تقسم الموضوع إلى إحساساته البسيطة, ومثال ذلك الغضب أو الفرح فيدرسون وضعية العينين والشفتين والجبين, ثم بعد ذلك يؤلفون هذه الإحساسات البسيطة ويقدمون تفسيرا لتلك الظاهرة بينما "الجشتالت" يرون أن الغضب لا يوجد في العينين أو الشفتين بل في الوجه ككل والفكرة التي نأخذها عن الإنسان أفضل وأوضح عندما نركز في كامل الوجه بدلا لتركيز على الأشياء مفككة, وهكذا رفض "الجشتالت" التمييز بيم الإحساس والإدراك وعندهم لا وجود لإحساس خالص كما دافعوا عن العوامل الموضوعية المتمثلة في الشيء المدرك ولم يهتموا بالعوامل الذاتية, ووقفت هذه النظرية التجريبية أننا {نرى القلم في الماء منكسرا رغم أنه في الحقيقة ليس كذلك} وحصروا مراحل الإدراك في ثلاثة مراحل [إدراك جمالي] يتم دفعة واحدة ثم [الإدراك التحليلي] الذي يعقبه [الإدراك التركيبي التفصيلي], وقالوا أن هناك خصائص ومميزات أطلقوا عليها اسم عوامل الإدراك وذكروا منها (عامل التشابه) أي {كلما تماثلت وتشابهت سهل إدراكها} و(عامل الصورة أو الخلفية) وكذلك عامل التقارب وملخص الأطروحة أن الصورة أو الشكل الذي تظهر به الأشياء هو العامل الأساسي في إدراكنا.
نقد:
إن التركيز على الصورة والشكل هو اهتمام بالعوامل الموضوعية وإهمال للعوامل الذاتية ثم أننا نجد نفس الأشياء ولكن الأشخاص يختلفون في حقيقة إدراكنا.
التركيب:
إن الموقف التجريبي لا يحل مشكلة الإدراك لأن التركيز على الحواس هو تركيز على جزء من الشخصية, والحديث عن الصورة أو الشكل كما فعل "الجشتالت" هو إهمال لدور العقل وهذا ما أكدت عليه النظرية الظواهرية التي وقفت موقفا وسطا جمعت فيه بين الحواس والعقل والشعور أي ربط الإدراك بكامل الشخصية, قال "مارلوبنتي" {العالم ليس هو ما أفكر فيه وإنما الذي أحياه}, والحقيقة أن الإدراك ليس و مجرد فهم المعنى جافة وآلية بل هو الوصول إلى عمق المعنى, ولا يكون ذلك إلا بالشعور, ومثال ذبك عند الظواهرية أن الفرق بين العجلة الخشبية الفارغة والعجلة التي تحمل ثقلا هو فرق في الشعور أي أننا نختلف في إدراكنا للشيء الواحد اختلاف الشعور والشخصية ككل.
الخاتمة:
ومن كل ما سبق نستنتج: الإدراك لا يرتبط بالعوامل الذاتية المتمثلة في الحواس ولا العوامل الموضوعية المتمثلة الصورة أو الشكل بل يرتبط بالشخصية ككل.(الحواس والعقل والشعور).

الدعاء لنا بالنجاح نور الدين المسيلة ثانوية عثمان بن عفان

ليست هناك تعليقات: